[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، وعباداته المفروضة، ولقد ذكرها الله
-سبحانه-
في كثير من آيات القرآن مقترنة بالصلاة، قال تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا
الزكاة} [البقرة:43]، ولقد شرعها الله طهرة للنفس والمال، قال تعالى: {خذ
من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} _[التوبة: 103] ولقد شدد الله وعيده
لمن يقصرون في إخراج الزكاة، قال تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا
ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم}
[التوبة:34].
وقال (: (من
آتاه الله مالا فلم يؤدِّ زكاته، مُثِّل له يوم القيامة شجاعًا أقرعَ له
زبيبتان يُطَوِّقُه يوم القيامة، ثم يأخذ بِلهْزِمَتَيْه -يعنى شِدْقَيْهَ-
ثم يقول: أنا مالُك أنا كَنْزُك [متفق عليه].
معنى الزكاة:
هي الحق المفروض في أموال الأغنياء لإخوانهم الفقراء وغيرهم ممن يستحقون الزكاة بشروط مخصوصة.
حكم الزكاة:
هي
فرض على كل مسلم ومسلمة، لا فرق بين أحد منهم، امتلك مقدارًا معينًا من
المال حدده الشرع أو زاد عليه، وهذا المقدار الذي تجب فيه الزكاة يسمى
النصاب، قال تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [المزمل: 20].
وقال
(: (أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول
الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم
وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله [متفق عليه]. وقال تعالى: {فإن
تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فخلوا سبيلهم}
[التوبة: 5].
ولما
بعث الرسول ( معاذًا إلى اليمن قال: (إنك تقدم على قومٍ أهل كتاب، فليكن
أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عَرَفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض
عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا الصلاة فأخبرهم أن الله فرض
عليهم زكاة من أموالهم وتُرَدُّ على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخُذْ منهم،
وتوقَّ كرائم أموال الناس (أي: لا تأخذ الزكاة من أفضل الأنواع، وإنما من
أوسطها) [متفق عليه].
الحكمة في إخراج الزكاة:
- الحفاظ على المال وتحصينه من تطلع الأعين عليه، ووصول الأيدي الآثمة إليه.
- مواساة الفقراء، ففيها مظهر من مظاهر التكافل الاجتماعي بين المسلمين وإرساء قواعد الحب والأخوة بين الناس.
- محاربة الشح والبخل والاكتناز، وتعويد الأغنياء على البذل والعطاء، كما أنها تدفع الإنسان إلى استثمار ماله وزيادته.
- شكر الله -عز وجل- على نعمته.
حكم مانع الزكاة:
الزكاة
ركن من أركان الدين، فمن تركها وهو ينكرها؛ فقد كفر بالله ورسوله، وخرج عن
ملة الإسلام، ومن تركها بخلاً وشحًّا، فقد استحق غضب الله وعذابه الأليم
في الآخرة.
على من تجب الزكاة:
تجب الزكاة على المسلم، البالغ،
العاقل، الحر، إذا ملك نصابًا ملكا تامًا من مال تجب فيه الزكاة، وحال عليه
الحول فيما يشترط فيه ذلك.
الشروط العامة في المال الذي تجب فيه الزكاة:
يشترط في المال الذي تجب فيه الزكاة ما يلي:
1- الملك التام.
2- أن يكون مالا ناميًا بالفعل، أو قابلا للنماء،لم يستثمره مالكه (أي يمكن أن يدر دخلا لصاحبه).
3- بلوغ النصاب.
4- أن يكون زائدًا عن حوائج صاحبه الأصلية.
5- السلامة من الدَّين.
6-
مرور الحول (عام هجري كامل) فيما يشترط فيه الحول مثل النقود وما يماثلها
من الذهب المعد للادخار وعروض التجارة، أما زكاة الزروع والركاز فلا يجب
فيها مرور الحول، لقوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده}
[الأنعام: 141].
7- الفضل، فيشترط في المال الذي تجب فيه الزكاة أن يكون زائدًا عن الحاجة الأصلية.
الزكاة في مال الصبي:
إذا
بلغ مال الصبي (الذي لم يبلغ سن الاحتلام) النصاب، فيجب على وليه (من يكفل
الصبي إذا مات أبوه) أن يؤدى زكاة هذا المال، ويعمل على استثمار بقية
المال، وقد كانت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تخرج زكاة أموال
الأيتام الذين تكفلهم.
الأموال التي تجب فيها الزكاة:
الذهب والفضة:
وتجب
الزكاة فيهما إذا بلغا النصاب، ونصاب الذهب أن يبلغ عشرين دينارًا (أي: ما
يعادل 58 جرامًا تقريبًا)، ونصاب الفضة أن تبلغ مائتي درهم (أي: ما يعادل
426 جرامًا)، ويكون مقدار الزكاة فيهما ربع العشر (أي: 5.2% ).
وقد توعد الله من لا يخرج زكاة الذهب والفضة بالعذاب الأليم، فقال: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم
بعذاب
أليم. يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا
ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون}_[التوبة: 34-35].
زكاة الحلى:
ولا
تجب الزكاة في الحلى الذهبية أو الفضية التي تستخدمها المرأة للزينة، أما
إذا اتخذت المرأة الحلى للاستثمار، فتجب فيه الزكاة إذا مر عليه الحول،
وإذا استخدم الرجال الذهب زينة لهم -رغم حرمة استعمالهم له- فتجب فيه
الزكاة عند مرور سنة عليه.
زكاة العملات الورقية:
تخرج الزكاة عن
العملات الورقية إذا بلغت قيمتها ثمن نصاب الذهب أو نصاب الفضة، وفي زماننا
أصبح التفاوت بين نصاب الذهب ونصاب الفضة كبيرًا لذلك يرى بعض العلماء أن
يخرج المزكي زكاة ماله باعتبار نصاب الفضة فهذا أولى لمصلحة الفقراء، فيخرج
زكاة ماله (5،2%) إذا بلغ النصاب، وإن كان بعض العلماء يرى أن نصاب الذهب
هو الذي يعتد به فقط في تحديد نصاب المال الذي تجب فيه الزكاة، وذلك بعد
تدهور قيمة نصاب الفضة، وقد كان النصابان في الماضي متساويين.
زكاة التجارة:
مر
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالسوق مرة، فوجد رجلا يبيع
الجلود والأوانى، فقال له: أَدِّ صدقة مالك، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين
إنما هو الأدُمُ (الجلود). فقال عمر: قَوِّمْه (قدر ثمنه)، ثم أخرج صدقته.
[أحمد والدارقطني والبيهقي].
فإذا
كان الرجل يتاجر في تجارته، فإنه يأتي في نهاية العام الهجري فيضم عروض
التجارة بعضها إلى بعض وإن اختلفت أجناسها، ثم يقدر ثمن بضاعته وقت إخراج
الزكاة، لا ثمن شرائها، فإن وجد أنها بلغت نصابًا، أخرج زكاتها بمقدار
(5،2%) أي: ربع العشر.
شروط زكاة عروض التجارة: ولزكاة عروض التجارة شروط، هي:
1 - بلوغ النصاب؛ أي تبلغ قيمة أموال التجارة نصابًا من الذهب أو الفضة.
2 - أن يمر عليها سنة هجرية كاملة.
3 - أن ينوى المالك بالعروض التجارة حال شرائها، وألا يقصد بالمال إمساكه والانتفاع به وعدم الاتجار به.
4 - امتلاك العروض.
زكاة الزروع والثمار:
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض} [البقرة: 267].
وقال: {وآتوا حقه يوم حصاده} [الأنعام: 141].
ويرى
الإمام أبو حنيفة أن الزكاة تجب في كل ما يقصد بزراعته نماء الأرض، إلا
الحطب والقضب والحشيش والشجر الذي ليس له ثمر، وعن داود الظاهري أن كل ما
يدخله الكيل يراعى فيه النصاب، وما لا يدخل فيه الكيل، ففي قليله وكثيره
الزكاة.
وعن الباقر والصادق أنه يعتبر النصاب في التمر والزبيب والقمح
والشعير،
وذهب الشافعي ومالك إلى أن الزكاة تجب فيما يكال ويدخر للاقتيات، وعن أحمد
بن حنبل أن الزكاة تخرج مما يكال ويدخر، ولو كان لا يقتات به، وأوجبها
الهادي في الخضراوات إلا الحشيش والحطب، ورأى الإمام أبي حنيفة هو الأصلح
للفقراء.
نصاب زكاة الزروع والثمار: أن يبلغ الناتج من الزروع والثمار
خمسة أوسق (الوسق يساوى 560،130كجم) قال (: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة
[الجماعة].
مقدار زكاة الزروع والثمار: نصف العشر من المحصول (5%) إذا
سقى الزرع بآلة، والعشر من المحصول (10 %) إذا سقى بالمطر أو بالراحة (بدون
آلة) قال (: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثريًّا (الماء المستنقع)
العشر، وما سقى بالنضح (الدلو) فنصف العشر [متفق عليه] وتخرج زكاة الزروع
أو الثمار عند نضجها وحصادها، لقوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده}
[الأنعام: 141].
ويجب على الإنسان أن يتخير أفضل الأنواع ويخرجها زكاة،
فقد قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا
لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا
فيه واعلموا أن الله غني حميد} [البقرة: 267].
وتخصم النفقات التي
أنفقها الزارع على زراعته إذا كانت دينًا عليه -من غير الماء الذي تروى به-
من جملة المحصول، وما بقى فهذا الذي يخرج
عنه الزكاة، فمن كانت له أرض
أخرجت عشرة قناطير من القطن تساوى مثلا ألفي جنيه، وقد أنفق عليها -في غير
الري- مع الضريبة العقارية مبلغ ستمائة جنيه (أي ما يعادل ثلاثة قناطير)
فإنه يخرج الزكاة عن سبعة قناطير فقط، فإذا كانت سقيت بدون آلة ففيها
العشر، وإذا سقيت بآلة فنصف العشر.
زكاة محصول الأرض المؤجرة: زكاة
الأرض المؤجرة تكون على المستأجر؛ لأن الزكاة حق في الزرع، وليس على المالك
زكاة حينئذ، وهذا هو رأي جمهور العلماء.
زكاة العسل:
اختلف الفقهاء
في زكاة العسل، فبعضهم يرى أنه لا زكاة فيه، وبعضهم يرى أن فيه زكاة، لأنه
يشبه الحب والتمر حيث يكيله الناس للبيع والشراء، ويدخره الكثير من الناس،
وزكاته العشر، وقد ذكر الإمام الشوكاني أن كل أحاديث زكاة العسل ضعيفة لا
يصح منها شيء.
زكاة الحيوان:
قال (: (والذي نفسي بيده .. ما من رجل
تكون له إبل أو بقر أو غنم لا يؤدى حقها إلا أتى بها يوم القيامة أعظم ما
تكون وأسمنه، تطؤه بأخفافها، وتنطحه بقرونها، كلما جازت أخراها، رُدَّت
عليه أولاها حتى يقضى بين الناس [الجماعة].
وتجب زكاة الحيوان في الإبل والبقر والغنم، بشروط هي:
1 - أن يمر عليها عام هجري كامل.
2
- أن تكون سائمة (أي: تأكل من العشب الذي لا يشترى كالذي ينبت في الصحراء
وليس ملكًا لأحد، أما إذا تغذت على ما يشترى كالعلف فلا زكاة فيها، إلا إذا
كانت تربيتها للتجارة، ففيها زكاة التجارة.
3 - أن تبلغ النصاب، ونصابها حسب نوعها كالتالي:
زكاة
الإبل: إذا امتلك المسلم خمسة من الإبل (وهي أول نصاب الإبل) فزكاتها شاة،
والشاة التي تجزئ في الزكاة يشترط أن تتم سنة كاملة سواء كانت من الضأن أو
المعز، كما يشترط فيها أن تكون سليمة من العيوب كما
في الأضحية، وبعد ذلك يخرج شاة عن كل خمسة من الإبل، ففي العشرين من الإبل أربع شياه.
فإذا
بلغت الإبل خمسًا وعشرين، فيخرج الزكاة ناقة عمرها سنة وتسمى (بنت مخاض)،
وإذا كان عدد الإبل من ستة وثلاثين إلى خمسة وأربعين يخرج الزكاة ناقة
عمرها سنتان وتسمى (بنت لبون)، وإذا كان عدد الإبل من ستة وأربعين إلى ستين
يخرج الزكاة ناقة عمرها ثلاث سنين وتسمى (حُقَّة)، وإذا كان عدد الإبل من
واحد وستين إلى خمسة وسبعين يخرج الزكاة ناقة عمرها أربع سنوات وتسمى
(جذعًا)، وبعد ذلك تكون الزكاة في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة.
زكاة
البقر أو الجاموس: إذا امتلك الإنسان ثلاثين بقرة أو جاموسة (وهو أول نصاب
البقر) فيخرج الزكاة بقرة عمرها سنة، وتسمى (تبيعة أو تبيعًا إذا كان
ذكرًا) إذ يجوز إخراجها من النوعين، وإذا كان عدد البقر أربعين، يخرج
الزكاة بقرة عمرها سنتان وتسمى (مسنة)، وبعد ذلك يخرج الزكاة عن كل ثلاثين
بقرة تبيعة، وعن كل أربعين مُسنة.
وما بين الفريضتين معفو عنه، فمن عنده
63 ففيهما تبيع أو تبيعة، ومن عنده 65 ففيهما مسنة، ومن عنده 67 ففيهما
تبيع ومسنة (تبيع عن ثلاثين ومسنة عن أربعين)، ويعفى عن الست الزائدة لأنها
لا تبلغ أقل الفريضتين، والفقهاء يعدون الجاموس صنفًا من البقر، ويجمعون
بعضها على بعض.
زكاة الغنم (المعز والضأن): اتفق الفقهاء على أنه ليس
فيما أقل من أربعين من الغنم السائمة زكاة؛ لعدم بلوغ النصاب، فإذا كانت
أربعين إلى مائة وعشرين (40 -120) شاة، وحال عليها الحول (عام هجري) يخرج
الزكاة
شاة واحدة، وفي مائة وإحدى وعشرين إلى مائتين (121-200) ففيها شاتان.
فإذا صار العدد فوق المائتين (201) فأكثر ففيه ثلاث شياه ما لم يبلغ
أربعمائة،
فإذا بلغ أربعمائة ففيها أربع شياه، وإذا زاد العدد عن ذلك ففي كل مائة
صحيحة بعد ذلك شاة، ولا شيء فيما دون المائة، ففي كل خمسمائة خمس شياه، وفي
كل خمسمائة وخمسين خمسُ شياهٍ أيضًا.. وهكذا ما لم تبلغ ستمائة، فإذا بلغت
ستمائة ففيها ست شياه، ويخرج ضأنًا من الضأن، ومعزًا من المعز، فإن كان
خليطًا منهما، أخرجها من الغالب.
زكاة الخيل والبغال والحمير: لا شيء من
الزكاة في البغال والحمير إلا أن تكون للتجارة، فتجب فيها الزكاة، وكذلك
الخيل لا زكاة فيها إلا إذا كانت للتجارة، وقال بعض الفقهاء: تجب فيها
الزكاة حتى ولو كانت لغير التجارة.
زكاة الركاز والمعادن:
الركاز والمعدن هو كل ما وجد تحت الأرض وله قيمة سواء كان منجمًا وجد فيها،
أو كنزًا دفنه أحد القدماء، وذلك مثل ما يستخرج من الأرض كالذهب والفضة
والحديد والنحاس والبترول، وزكاة هذه الأشياء الخمس (20%)؛ لقول الرسول (:
(وفي الركاز الخمس [الجماعة].
دفع القيمة في الزكاة:
يرى جمهور
الفقهاء أنه لا يجوز أن يخرج المزكي قيمة زكاته نقدًا لأن الرسول ( قد حدد
أشياء بعينها تخرج منها الزكاة، فقال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: (خذ الحب
من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من
الإبل، والبقرة من البقر [أبو داود وابن ماجه].
على
حين يرى الحنفية أنه يجوز دفع قيمة الزكاة، لما في ذلك من التيسير على
المزكي، وإعطاء الحرية للفقير حتى يتصرف في المال كيفما شاء، والذي يبدو أن
كلا من الرأيين يجوز العمل به -بلا حرج- إذ الغرض هو تحقيق المصلحة
لمستحقي الزكاة، وهي تختلف باختلاف الظروف والبيئات، ومن ثم يترك الأمر
لتقدير العلماء وحسب ظروف الناس أنفسهم.
زكاة الدَّيْن:
إذا أعطى
المسلم أخاه المسلم قدرًا من المال، على سبيل الدَّيْن، وبلغ هذا المال
مقدار النصاب، ومر عليه عام هجري يجب عليه أن يخرج عن هذا المال زكاته
ويخرجها عند قبض ماله من المدين، أما إذا كان الدين عند إنسان معسر، وقد
أنكر هذا الدين، وماطل في سداده، فلا زكاة فيه عند أكثر الأئمة.
أشياء ليس فيها زكاة:
ولا
تجب الزكاة في الأماكن المعدة سكنى خاصة له، ولا في الأدوات الشخصية
كالملابس والأثاث وسيارة الركوب، وأدوات الزينة من غير الذهب والفضة ولا في
آلة الصناعة، كذلك لا تجب في كتب العلم (المكتبات الشخصية أو العامة) ما
لم تكن للتجارة.
زكاة كسب العمل والمهن الحرة:
يطلق على ما يكسبه
الإنسان من العمل أو المهن الحرة المال المستفاد، ولا زكاة فيه عند المذاهب
الأربعة، حتى يبلغ نصابًا، ويمر عليه عام هجري كامل، وقال بعض الفقهاء يجب
في المال المستفاد بمجرد قبضه، ومقداره ربع العشر، وإذا زكى المسلم كسب
عمله أو مهنته عند استفادته أو قبضه لا يزكيه مرة أخرى.
مصارف الزكاة:
تصرف
الزكاة إلى ثمانية أصناف، ذكرهم الله تعالى في قوله: {إنما الصدقات
للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين
وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} [التوبة: 60].
الفقراء
والمساكين: هم المحتاجون الذين لا يجدون ما يكفي حاجتهم الأساسية فيصرف
لهم ما يكفيهم ويسد حاجتهم ويغنيهم عن سؤال الناس، قال (: (ليس المسكين
الذي يطوف على الناس تردُّه اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن
المسكين الذي لا يجد غِنًى يُغْنيه ولا يفطن به (لا ينتبه الناس إليه)
فيُتصَدَّق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس [متفق عليه]، وصرف الزكاة إلى
العلماء والعباد من الفقراء أفضل من صرفها إلى غيرهم.
العاملون على
الزكاة: هم العمال الذين أرسلهم الحاكم لجمع الزكاة ثم يوزعونها على من
يستحقونها، فيصرف لهم جزء منها ليقضوا حوائجهم، ويعطى هؤلاء من الزكاة ولو
كانوا أغنياء، فهم إنما استحقوا أنصبتهم بالعمل على الزكاة لا لفقرهم، ومن
كان منهم فقيرًا استحق الزكاة لعمله عليها ولفقره معًا.
المؤلفة قلوبهم: هم الذين دخلوا في الإسلام وفي إيمانهم ضعف، فيعطوا من الزكاة لتأليف قلوبهم حتى يظلوا ثابتين على الإسلام.
في
الرقاب (العبيد والرقيق): وذلك بشراء العبيد بغرض تحريرهم من العبودية أو
مساعدة العبد المسلم الذي تعهد وكتب على نفسه أنه سيدفع مبلغًا من المال
إذا أعتقه سيده، فإذا أعتقه وجب عليه سداد ذلك المبلغ، فيعطى من الزكاة حتى
يسدد ما كتبه على نفسه ليصبح حرًّا.
الغارمون: هم الذين كثر دَيْنهم ولم يستطيعوا سداده، فيعطوا من الزكاة؛ بقدر ما يسد دينهم.
في
سبيل الله: هم المجاهدون الذين يخرجون في سبيل الله لإعلاء دينه، فيعطون
من الزكاة لإنجاز مهمتهم، وبعض الفقهاء جعل فريضة الحج من السبيل، فيأخذ
مريد الحج من الزكاة إن كان فقيرًا، ويدخل في سبيل الله الدعوة والتعليم
وكل وسائلها المشروعة دينًا.
ابن السبيل: هو المسافر الذي خرج في طاعة الله ثم انقطع به الطريق، فيعطى من الزكاة بقدر حاجته حتى يتمكن من العودة لبلده.
هل يجب تعميم الأصناف الثمانية؟
يرى
جمهور الفقهاء أنه يجوز صرف الزكاة إلى صنف واحد أو أكثر إذا دعت الضرورة
والحاجة إلى ذلك، وذهب بعض الفقهاء إلى وجوب صرفها للأصناف الثمانية.
هل تعطى الزكاة لغير هذه الأصناف؟
اتفق
جمهور الفقهاء على عدم جواز صرف أموال الزكاة لغير الأصناف الثمانية
المحددة، لكن فسر بعض العلماء قوله: {وفي سبيل الله} أنها تشمل أنواع
الطاعات، وقال بعض العلماء: يقصد بذلك العلم، فيعطى طالب العلم ولو كان
غنيًّا، وقال الجمهور: المقصود بسبيل الله الغزو والجهاد، والقول بتوسيع
مفهوم في سبيل الله هو الأولى والأصوب والله أعلم.
مقدار ما يعطى لمستحقي الزكاة:
شرع
الله -عز وجل- الزكاة إغناءً للفقير، وسدًا لحاجته، حتى يستغني عن ذل
السؤال، فيدفع للفقير ما تزول به حاجته، ويعطى للعامل على الزكاة ما يكفيه
هو ومن معه مدة ذهابهم وإيابهم، ويعطى للغارمين وهم أصحاب الديون بقدر ما
يسد دينهم، وكذلك يعطى لابن السبيل ما يوصله إلى بلده.
الأصناف التي لا يجوز دفع الزكاة إليها:
1 - الغني: وهو الذي يمتلك ما يكفيه وأهله، لقوله (: (لا تحل الزكاة لغنى ولا لذي مرة (قوة) سَوِىّ) [أصحاب السنن].
2 - بنو هاشم وبنو عبد المطلب، وهم أقارب النبي ( لقوله: (إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد) [مسلم].
3 - الكفار: لقوله ( عن الزكاة: (تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم (أي تؤخذ من أغنياء المسلمين وتعطى لفقراء المسلمين)
[متفق عليه].
4
- من تلزم المزكي نفقتهم وقضاء حوائجهم كالآباء والأبناء والزوجة، لأنه
يجب على المسلم أن ينفق على هؤلاء جميعًا إن احتاجوا، ولذلك لا يصح أن يخرج
زكاته لهم.
نقل الزكاة لبلد آخر غير بلد المزكي:
الأصل أن توزع
الزكاة في البلد الذي خرجت منه، واستثنى بعض الفقهاء أن ينقلها الرجل إلى
أقاربه المحتاجين في البلاد القريبة، أو إلى قوم أحوج إليها أو إلى طالب
علم.
هل تجزئ الضريبة عن الزكاة؟
لا تجزئ الضريبة التي يدفعها
الأشخاص للدولة؛ لأن الزكاة عبادة مفروضة على المسلم؛ شكرًا لله، وتقربًا
إليه، أما الضريبة فهي التزام مالى، يخضع لتقدير الدولة، وتصرف لتغطية
النفقات العامة للدولة.
آداب الزكاة:
1- أن يخرجها طيبة بها نفسه.
2- أن تكون من أطيب كسبه.
3- أن يخفيها عن أعين الناس، حتى تكون أقرب للإخلاص.
4- أن يوكل في إخراجها غيره.
5- أن يختار لأداء الزكاة من عُرِف بالتقوى والعلم وإخفاء الفقر والقرابة.
6- المبادرة في إخراج الزكاة؛ امتثالا لأمر الله.
7-
أن يدعو المزكي عند دفعها قائلاً: (اللهم اجعلها مغنمًا، ولا تجعلها
مغرمًا) ويقول الآخذ: (آجرك الله فيما أعطيت، وبارك لك فيما أبقيت، وجعله
لك طهورًا).
8- عدم إعلام الفقير بأن ما أخذه زكاة، حفاظًا على شعوره.
زكاة الفطر
زكاة
يخرجها المسلم قبل صلاة عيد الفطر، ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين
وبعض العلماء يجيز إخراجها في منتصف رمضان، وبعضهم يرى إخراجها من أول يوم
في رمضان، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله ( زكاة الفطر
طُهْرَةً للصائم من اللَّغو والرَّفُث، وطُعْمَةً للمساكين، من أداها قبل
الصلاة فهي زكاةٌ مَقْبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
[أبوداود وابن ماجه والحاكم].
من تجب عليهم:
تجب على كل فرد من
المسلمين إذا كان يملك ما يكفيه يوم العيد وليلته، فقد قال عبد الله بن عمر
-رضي الله عنهما-: (فرض رسول الله ( زكاة الفطر صاعًا (الصاع يساوى 176،2
كجم) من تمر، أو صاعًا من شعير، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير
والكبير من المسلمين
[متفق عليه].
مقدارها:
يخرج الرجل عن نفسه،
وعن كل من تلزمه نفقتهم، صاعًا من غالب قوت أهل البلد (وهو ما يكثر في
طعامهم) سواء كان قمحًا أو شعيرًا أو تمرًا أو زبيبًا أو غير ذلك، وأجاز
أبوحنيفة -رضي الله عنه- إخراجها نقدًا، وتصرف للأصناف الثمانية التي تجب
لهم الزكاة، ويفضل أن تعطى للفقراء والمساكين خاصة لقوله (: (أغنوهم في هذا
اليوم (أي: أعطوهم في يوم العيد ما يكفي حاجتهم) [البيهقي].
صدقة التطوع
دعا
الإسلام إلى الإنفاق، ورغب فيه، وجعل ثوابه عظيمًا عند الله سبحانه، قال
تعالى: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل
في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم} [البقرة:
261].
وقال (: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول
أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أَعْطِ ممسكًا (بخيلا)
تلفًا
[مسلم].
أنواع الصدقة:
قد تكون الصدقة بالمال وقد تكون
بغيره مما يمتلك الإنسان، فقد قال (: (كل سلامي من الناس عليه صدقة، كل يوم
تطلع فيه الشمس تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل على دابته فيحمل
عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تخطوها
إلى الصلاة صدقة، ودل الطريق صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة [متفق
عليه] وقال (: (اتقوا النار ولو بشقِّ تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة
[مسلم].
الصدقة بين السر والعلانية:
قال
تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير
لكم ويكفر عنكم سيئاتكم والله بما تعملون خبير} [البقرة: 271]، فصدقة السر
خير من صدقة العلانية، وقد مدح الله المتصدقين في الخفاء، وجعل من السبعة
الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجلا تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا
تعلم شماله ما تنفق يمينه. [البخاري].
وقد رغب الله -عز وجل- في
الصدقات، وسماها قرضًا حسنًا، فقال: {من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنًا
فيضاعفه له أضعافًا كثرة} [البقرة: 245]، وقال (: (من أطعم جائعًا أطعمه
الله من ثمار الجنة، ومن سقى مؤمنًا على ظمأ، سقاه الله -عز وجل- يوم
القيامة من الرحيق المختوم، ومن كسا مؤمنًا عاريًا، كساه الله من خضر الجنة
(ثيابها الخضر)
[أبو داود والترمذي].
أولى الناس بالصدقة:
الأقربون
أولى بالمعروف، فإذا أراد الإنسان أن يتصدق فوجد محتاجًا من أهله وأقاربه،
فالأحسن أن يعطي صدقته له، لأنها صدقة وصلة في الوقت نفسه.
مبطلات الصدقة:
تبطل
الصدقة، ولا ينال الإنسان ثوابها من الله سبحانه إذا أنفقها منًّا (أي:
يمن بها على من أعطاها له) فكلما رأى من أعطاه الصدقة ذكره بها، أو أنفقها
رياء أمام الناس فيجرح حياء أخيه المسلم ويؤذيه بالكلام، قال تعالى: {يا
أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى} [البقرة: 264].
هل في المال حق سوى الزكاة ؟
نعم
في المال حق سوى الزكاة، فإذا أخرج المسلم الزكاة، ثم وزعت على الفقراء،
فلم تكف احتياجاتهم، فقد وجب في أموال الأغنياء حق آخر لسداد حاجات إخوانهم
الفقراء، فقد قال (: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه)[متفق عليه].
وكذلك إذا احتاج المسلمون أموالا لمحاربة أعدائهم وصدهم عن
بلاد
المسلمين، أو فداء أسرى المسلمين، وجب في أموال الأغنياء حق للإيفاء بهذه
الأمور بشروط كثيرة قررها العلماء لابد من اعتبارها في هذا المقام، ومنها:
- أن لا يكون في بيت مال المسلمين ما يكفي لسد هذا العجز.
- أن يحتاج ذلك لسد حاجة مهمة للأمة، أو دفاع عن أرضها ودينها من عدو نال من المسلمين وأخذ أرضهم