[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : حق
المسلم على المسلم خمس : رد السلام ، وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة
الدعوة وتشميت العاطس متفق عليه . وفي رواية لمسلم : حق المسلم ست إذا
لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله
فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه
الشرح
ذكر المؤلف رحمه الله
تعالى هنا ما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه في بيان حقوق المسلم على أخيه
وحقوق المسلم على أخيه كثيرة لكن النبي صلى الله عليه وسلم أحيانا يذكر
أشياء معينة من أشياء كثيرة عناية بها واحتفاء بها فمن ذلك ما ذكره أبو
هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : حق المسلم
على المسلم خمس : رد السلام يعني إذا سلم عليك فرد عليه وفي الحديث الثاني
حق المسلم على المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه فهذان أمران ابتداء السلام
المأخوذ من قوله إذا لقيته فسلم عليه ورد السلام المأخوذ من قوله : رد
السلام فابتداء السلام سنة مؤكدة وإذا كان الحامل لتركه الهجر كان حراما
فيما زاد على ثلاثة أيام أما في الثلاثة أيام فأقل فلا بأس أن تهجره ومن
المعلوم أن الإنسان لن يهجر أخاه إلا لسبب فأجاز النبي عليه الصلاة السلام
للمسلم أن يهجر أخاه ثلاثة أيام فأقل لأن الإنسان بشر فقد يكون في النفوس
شيء ولا يتحمل المرء أن يسلم عليه ، أو أن يرد السلام فرخص له ثلاثة أيام
فأقل وابتداء السلام يكون من الصغير على الكبير ومن الماشي على القاعد ومن
الراكب على الماشي كل بحسبه وصيغة السلام المشروعة أن يقول الإنسان السلام
عليك أو السلام عليكم كلاهما جائز والرد المشروع أن يقول عليك السلام أو
وعليكم السلام بهذا يتضح لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن من الحقوق
التي للمسلم على أخيه السلام ردا وابتداء وحكم السلام أن ابتداءه سنة ورده
فرض ، فرض عين على من قصد به وفرض كفاية إذا قصد به جماعة فإنه يجزئ رد
أحدهم والسلام حسنة من الحسنات إذا قام به الإنسان فله عشر أمثاله لأن
الحسنة بعشر أمثالها يعني إذا سلمت على أخيك وقلت السلام عليك فلك عشر
حسنات أجرا باقيا تجده أحوج ما تكون إليه ونحن نعلم أنه لو قيل لشخص كلما
لقيت أحدا فسلمت عليه بكل تسليمة درهم واحد لوجدت الإنسان يطلب الناس ليسلم
عليهم ابتغاء هذا الدرهم الواحد مع أن الدرهم الواحد يفنى ويزول والأجر
والثواب الباقي نجدنا - عاملنا الله وإياكم بعفوه - فاترين فيه متهاونين به
فالذي ينبغي لك كلما لقيك أحد من إخوانك المسلمين أن تسلم عليه أما غير
المسلم فلا تسلم عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تبدءوا اليهود
والنصارى بالسلام وإذا وجدتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه فاليهودي
والنصراني والمشرك والملحد والمرتد كالذي لا يصلي والمبتدع بدعة يكفر بها
كل هؤلاء لا يحل ابتداء السلام عليهم ولو كانوا أقرب الناس إليك لكن إذا
سلموا فرد عليهم بمثل ما سلموا به إذا قالوا أهلا ومرحبا فقل أهلا ومرحبا
وإذا قالوا السلام عليكم قل وعليكم السلام وإذا شككت هل هو يقول السلام
عليكم أو يقول السام عليكم فقل وعليكم بل إذا لم تتيقن أنه قال السلام
عليكم باللام فقل وعليكم وذلك أن اليهود كانوا يمرون بالنبي صلى الله عليه
وسلم وأصحابه فيسلمون عليه لكن يقولون السام عليكم يدغمونها والسام يعني
الموت فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن اليهود إذا لقوكم قالوا السام
عليكم فقولوا وعليكم أي إن كانوا يدعون لنا بالسلام فعليهم السلام وإن
كانوا يدعون علينا بالموت فعليهم الموت وهذا من العدل : وإذا حييتم بتحية
فحيوا بأحسن منها أو ردوها فهذا من العدل ولهذا ذكر ابن القيم رحمه الله في
كتابه أحكام أهل الذمة أنهم إذا قالوا السلام عليكم بكلام بين فلك أن تقول
عليكم السلام وأما أهل المعاصي فإن كان في هجرهم فائدة فاهجرهم والفائدة
أن يقلعوا عن معصيتهم وإن لم يكن في هجرهم فائدة فهجرهم حرام لأنهم من
المؤمنين وإذا كانوا من المؤمنين فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : لا
يحل لأحد أن يهجر أخاه المؤمن فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا
وخيرهما الذي يبدأ بالسلام إما إذا كان يفيد بحيث يرتدعون عن المعصية
وينتهون عنها فهجرهم مطلوب إما واجب وإما مستحب وانظر إلى ما حصل من فائدة
هجر كعب بن مالك رضي الله عنه وصاحبيه حتى تخلفوا عن غزوة تبوك فخلفوا عن
قبول عذرهم انظر ماذا حصل لهم من قوة الإيمان والصبر على ما حصل وانتظار
الفرج من الله عز وجل ما نالوا به ما هو من أعظم المثوبات نالوا به كلام رب
العالمين الذي يقرأ في الليل والنهار من كل مسلم حتى في الصلوات من الناس
يثني عليه في الصلوات الفريضة والنافلة وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا
ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله
إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم وهذا نص وإن
كانوا لم يذكروا بأسمائهم لكن ذكروا بوصف لا ينطبق على من سواهم وأما ما
ذهب إليه كثير من المفسرين في قوله تعالى : وما لأحد عنده من نعمة تجزى
إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى بأن هذا هو أبو بكر فهذا ليس كالنص
الحاصل لهؤلاء الثلاثة ولذلك لا نعلم أن أحدا من الصحابة أثنى عليه بهذا
النص مثل ما أثنى على هؤلاء الثلاثة وقد هجرهم النبي عليه الصلاة والسلام
أربعين ليلة لا يكلمهم وقال للناس : لا تكلموها فلم يكلمهم أحد وبعد تمام
الأربعين أمرهم أن يعتزلوا نساءهم ولما جاء الرسول إلى كعب بن مالك -
الرسول الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعتزل امرأته قال له كعب :
أأطلقها ؟ يعني فأنا مستعد أم ماذا قال الرسول لا أدري إن النبي صلى الله
عليه وسلم أمرك أن تعتزل امرأتك ولا أدري فانظر كيف كان هذا الامتثال
العظيم مع هذه المحنة العظيمة التي لا ترد على قلب فينجو منها إلا من عصمه
الله عز وجل فالمهم أن الهجر إذا كان ينفع في تقليل المعصية أو التوبة منها
فأنه مطلوب إما على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب أما إذا كان لا
ينفع وإنما يزيد العاصي عتوا ونفورا من أهل الخير فلا تهجره لأن الإنسان
مهما كان عنده من المعاصي وهو مسلم فهو مؤمن لكنه ناقص الإيمان أما الحق
الثاني فهو عيادة المريض : المريض إذا مرض وانقطع في بيته فإنه له حقا على
إخوانه المسلمين أن يعودوه ويذكروه ما ينبغي أن يذكروه به من التوبة
والوصية وكثرة الذكر والاستغفار وقراءة القرآن وغير ذلك من الأعمال الصالحة
وكذلك يدعون له بالشفاء مثل أن يقولوا لا بأس طهور إن شاء الله وما أشبه
ذلك وعيادة المريض فرض كفاية لابد أن يعود المسلمون أخاهم وإذا عاده واحد
منهم حصلت به الكفاية وقد تكون فرض عين إذا كان المريض من الأقارب وعدت
عيادته من الصلة فإن صلة الأرحام واجبة فتكون فرض عين واعلم أن العلماء
رحمهم الله ذكروا لعيادة المريض آدابا منها : ألا يكثر العائد للمريض
محادثته بالسؤال عن حاله وعن نومه وأكله وشربه وما أشبه ذلك إلا إذا كان
يأنس بهذا ويسر به أما إذا كان يتضجر ولا يحب أن يكثر أحد الكلام معه كما
هو حال بعض المرضى فإنك لا تتبع معه الكلام ولا تضجر بالمساءلات لذلك قالوا
ينبغي ألا يكثر المقام عنده ويطيل لأنه قد يكون له حاجة مع أهله أو في
نفسه ولا يحب أن يطيل الجلوس عنده أحد لكن إذا علمت أنه يستأنس بهذا ويفرح
فإنك تنظر ما فيه المصلحة قالوا : ينبغي أيضا ألا يزوره في الأوقات التي
يكون الغالب فيها النوم والراحة كالقيلولة والليل وما أشبه هذا لأن ذلك
يضجره وينكد عليه بل يكون بكرة وعشيا حسب ما تقتضيه الحال قالوا : ولا
ينبغي أيضا أن يكثر من عيادته بحيث يأتيه صباحا ومساء إلا إذا اقتضت الحاجة
ذلك والحاصل أن العائد للمريض ينبغي أن يراعي المصلحة في كل ما يكون مع
المريض وفي كل ما يترك ثم إنه إذا كان المرض مما يعلم أن له دواء معينا
فينبغي أن تذكر له هذا الدواء لأن الدواء مباح بل هو سنة إذا رجي نفعه وغلب
علي الظن لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تداووا ولا تداووا بحرام
وكذلك ينبغي أن يسأله كيف يصلي ؟ لأن كثيرا من المرضي يجهل هل يصلي بالماء
أو بالتيمم وهل يصلي كل صلاة في وقتها أو يجمع لأن هذا الأمر مهم قد يخفى
على بعض المرضى حتى إن بعض المرضي يظنون أنه إذا جاز لهم الجمع جاز لهم
القصر وهم في بلادهم وهذه الأشياء التي يجب التنبه لها نعم إذا كان المريض
مسافرا إلى مستشفى في غير بلده فله أن يقصر ويجمع أما إذا كان في بلده فلا
يقصر لكن إن شق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها فله الجمع ولو كان في بلده
لكنه جمع بلا قصر لأن الجمع والقصر لا يتلازمان قد يشرع القصر دون الجمع
وقد يشرع الجمع دون القصر وقد يشرعان جميعا فالمسافر الذي يشق عليه أن يصلي
كل صلاة في وقتها بحيث يكون قد جد به السير يشرع له الجمع والقصر والمسافر
المقيم يشرع له القصر دون الجمع وإن جمع فلا بأس أما الحق الثالث فهو
اتباع الجنائز وتشييعها فإن من حق المسلم على أخيه أن يتبع جنازته من بيته
إلى المصلى - سواء في المسجد أو في مكان آخر - إلى المقبرة وقد ثبت عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله
قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل وما القيراطان يا رسول الله ؟
قال : مثل الجبلين العظيمين وفي رواية : أصغرهما مثل أحد وهذا فضل عظيم
وأجر كبير ولما بلغ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما هذا الحديث قال لقد
فرطنا في قراريط كثيرة ثم صار بعد ذلك لا يرى جنازة إلا تبعها رضي الله عنه
لأن هذه غنيمة ! ! غنيمة أن يحصل الإنسان مثل الجبلين العظيمين في عمل
يسير وهذا الأجر متى يلقاه ؟ يلقاه في يوم هو أحوج ما يكون إليه في يوم ليس
عنده درهم ولا دينار ولا متاع ولا قرابة ولا زوجة تنفعه يوم القيامة إلا
العمل الصالح فهو إذا تبع الجنازة حتى يصلي عليها ثم حتى تدفن فله قيراطان
مثل الجبلين العظيمين أصغرهما مثل أحد وينبغي لمن اتبع الجنازة أن يكون
خاشعا مفكرا في مآله يقول لنفسه يا نفسي أنت مآلك كمآل هذا الذي فوق
أعناقنا عن قريب أو بعيد وربما يكون عن قريب ويتذكر هذا الرحيل يتذكر أن
أقرب الناس إليه وأولى الناس به وأشفق الناس عليه من يسلمه إلى حفرته
ويدفنه ويرمسه ويتخلى عنه وأقرب الناس إليك الذي يحملك إلى مدفنك ثم ينصرف
عنك ويدعك في هذا اللحد وحيدا بأعمالك إن خيرا فخير وإن شرا فشر ولهذا قال
العلماء يكره للإنسان المتبع للجنازة أن يتحدث في شيء من أمور الدنيا أو أن
يتبسم ويضحك وكذلك أيضا إذا وصلت إلى المقبرة وجلست تنتظر دفنها فينبغي أن
تفكر في مآلك وإنك سوف ينتظر دفنك كما انتظر دفن هذا الرجل وإذا كان حولك
أناس وحدثتهم بما حدثه به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه حينما خرج في
جنازة رجل من الأنصار فانتهى إلى القبر ولما يلحد فجلس عليه الصلاة السلام
وحوله أصحابه وفي يده مخصرة أي عود ينكت به الأرض يعتبر عليه الصلاة
والسلام ويفكر ويحدث أصحابه بما يكون عند الاحتضار وعند الدفن حتى يكون
جامعا بين الموعظة بين تشييع الجنازة ولكن ليست هذه الموعظة كما يفعله بعض
إخواننا الآن في بعض المحلات حيث يقوم الرجل خطيبا يعظ الناس فإن هذا ليس
معروفا في عهد النبي عليه الصلاة السلام ولا عهد أصحابه لكن لما جلس النبي
صلى الله عليه وسلم ينتظر لحد هذا الميت وجلس أصحابه حدثهم حديث المجالس
بما ينفعهم وبما يناسب وكذلك كان عليه الصلاة والسلام حاضرا دفن إحدى بناته
وكان على شفير القبر وعيناه تدمعان فقال عليه الصلاة والسلام ما منكم من
أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار قالوا يا رسول الله أفلا
ندع العمل ونتكل على ما كتب لنا قال لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما أهل
السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل
الشقاوة ثم قرأ قوله تعالى فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره
لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى نسأل الله أن
يجعلنا وإياكم من أهل السعادة الذين يسروا لليسرى وجنبوا العسرى فإذا شرعوا
في الدفن فينبغي للإنسان أن يشارك في الدفن بأن يحثوا بيديه ثلاث حثيات ثم
ينصرف وإن شاء شارك إلى إنهاء الدفن فإذا فرغوا من دفنه وقف عليه وإذا كان
مطاعا كالعالم قال للناس استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن
يسأل فإن النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال
استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل الآن حين فرغ من دفنه
وانتهى الناس منه وسلموه لعالم الآخرة يأتيه عالم الآخرة يأتيه ملكان
يسألانه عن ربه ودينه ونبيه فيجيب المؤمن قائلا ربي الله وديني الإسلام
ونبيي محمد أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن يجيب بهذا الجواب أما غير
المؤمن المرتاب الشاك فيقول ها ها لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته
يعني ولم يصل الإيمان إلى قلبه والعياذ بالله فينبغي لك أن تقف بعد انتهاء
الدفن وتقول اللهم اغفر له اللهم ثبته اللهم اغفر له اللهم ثبته اللهم اغفر
له اللهم ثبته لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثا فتدعوا
ثلاثا ثم تنصرف ولا حاجة إلى إطالة الوقوف وإذا انصرف الناس عن الميت حتى
إنه ليسمع قرع نعالهم وهم ينصرفون عنه يسمع قرع النعال أي ضربه بالأرض وهم
ينصرفون عنه جاءه ملكان فأجلساه وسألاه عن ربه ودينه ونبيه ويجلسانه في
القبر وإن كان القبر ضيقا لكنه يجلس كما أن النائم الآن يرى نفسه أنه قائم
وأنه ماش وأنه قاعد وهو ملتحف في فراشه لم يتحرك منه لأن أحوال البرزخ أبلغ
من أحوال الدنيا وأعظم ففيه أشياء لا تنطبق على أحوال الدنيا فها هو الميت
المؤمن يفسح له في قبره مد البصر والمقبرة كلها ليست بشيء فهي ليست مد
البصر لكن أحوال الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا وواجبنا فيما جاء في كتاب
الله أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور الآخرة أن نقول سمعنا
وصدقنا وآمنا وكل من عند ربنا والله على كل شيء قدير الحق الرابع إجابة
الدعوة فمن حق المسلم على أخيه إذا دعاه أن يجيبه والإجابة إلى الدعوة
مشروعة بلا خلاف بين العلماء فيما نعلم إذا كان الداعي مسلما ولم يكن
مجاهرا بالمعصية ولم تكن الدعوة مشتملة على معصية لا يستطيع إزالتها ولكنها
لا تجب عند جمهور العلماء إلا في دعوة العرس إذا دعاه الزوج أول مرة في
اليوم الأول فإن الإجابة واجبة إذا عينه بالشروط السابقة التي ذكرناها فإن
كان الداعي غير مسلم فلا تجب الإجابة بل ولا تشرع الإجابة إلا إذا كان في
ذلك مصلحة فإذا كان في ذلك مصلحة كرجاء إسلامه والتأليف فلا بأس بإجابة غير
المسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة يهودي دعاه في المدينة وإن
كان الداعي مسلما مجاهرا بالمعصية كحلق اللحية مثلا أو شرب الدخان علنا في
الأسواق أو غير ذلك من المحرمات فإن إجابته ليست بواجبة ولكن إن كان في
إجابته مصلحة أجابه وإن كان ليست في إجابته مصلحة نظرت فإن كان في عدم
إجابته مصلحة بحيث إذا رأى نفسه بأنه قد هجر وأن الناس لا يجيبون دعوته تاب
وأناب فلا تجب دعوته لعل الله يهديه وإن كان لا فائدة من ذلك فأنت بالخيار
إن شئت فأجب وإن شئت فلا تجب وإذا كان في الدعوة منكر فإن كان الإنسان
قادرا على التغيير وجبت عليه الإجابة من وجهين الوجه الأول إزالة المنكر
والوجه الثاني إجابة دعوة أخيه إذا كان في العرس وكان ذلك في أول يوم وأما
إذا كان منكر في الدعوة لا تستطيع تغييره كما لو كان في الدعوة شرب دخان أو
شيشة أو كان هناك أغاني محرمة فإنه لا يجوز لك أن تجيب قال أهل العلم إلا
إذا كان المنكر في محل آخر وأنت تجيب إلى محل ليس فيه منكر وكان الداعي من
أقاربك الذين لو تركت إجابتهم لعد ذلك قطيعة فلا بأس بالإجابة في هذه الحال
وإن كان الهجر يترتب عليه ترك هذه المعصية فاهجره يعني مثلا لو دعاك قريبك
وأنت تعلم أنه سيكون في الدعوة محرم وقلت له أنا لا أجيبك إلا بشرط ألا
يكون في الدعوة محرم وقبل بذلك فأجب وأما إن أصر على وجود المحرم فلا تجب
لأن حضور المحرم ولو مع كراهة الإنسان له بقلبه يكون فيه الإنسان مشاركا
للفاعل لقول الله تعالى وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله
يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا
مثلهم هذا حكم إجابة الدعوة فهذه الحقوق التي بينها النبي صلى الله عليه
وسلم كلها إذا قام بها الناس بعضهم مع بعض حصل بذلك الإلفة والمودة وزال ما
في القلوب والنفوس من الضغائن والأحقاد والحق الخامس تشميت العاطس يعني أن
من حقوق المسلم على المسلم أن يشمته إذا عطس هكذا في الرواية الأولى التي
أخرجها البخاري ومسلم وفي الرواية الثانية التي أخرجها مسلم إذا عطس فحمد
الله فشمته فقيد ذلك بما إذا حمد الله فإذا عطس الرجل وحمد الله وسمعته
فشمته يعني قل يرحمك الله فإذا قلت يرحمك الله وجب عليه أن يقول يهديكم
الله ويصلح بالكم هكذا جاء الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول في
الجواب يهديكم الله ويصلح بالكم لكن هل تشميت العاطس إذا حمد فرض عين أو
فرض كفاية يعني هل يكفي واحد من الجماعة إذا شمته عن الجماعة أم لابد على
كل من سمعه أن يشمته والجواب أنه ذهب بعض العلماء إلى أن التشميت فرض كفاية
فإذا كنا جماعة وعطس رجل وقال الحمد لله فقال أحدنا له يرحمك الله كفى
وقال بعض العلماء بل تشميته فرض عين على كل من سمعه لأن النبي صلى الله
عليه وسلم قال كان حقا على كل من سمعه أن يقول يرحمك الله وظاهر هذا أنه
فرض عين فعلى هذا كل من سمعه يقول له يرحمك الله ويقول هو يهديكم الله
ويصلح بالكم ويكفي منه رد واحد على الجميع إذا نواه للجميع كفى فإن عطس ولم
يحمد الله فلا تقل يرحمك الله تعزيرا له على عدم حمده لله عز وجل يعني كما
أنه لم يحمد الله فأحرمه هذا الدعاء فلا تقل له يرحمك الله ثم هل تذكره
وتقول قل الحمد لله أو لا تذكره والجواب من المعلوم أنه يحتمل أنه قد ترك
الحمد تهاونا ويحتمل أنه تكره نسيانا فإن كان تركه نسيانا فذكره وقل له
احمد الله وإن كان تركه تهاونا فلا تذكره ولكن أين لي العلم بذلك وكيف أعلم
أنه نسيان أو أنه تهاون ظاهر الحديث فحمد الله فإذا لم يحمد لا تشمته ولا
تذكره مطلقا ولكن يمكنك فيما بعد أن تعلمه وتقول له إن الإنسان إذا عطس
فإنه يحمد الله على هذا العطاس لأن العطاس من الله والتثاؤب من الشيطان
العطاس دليل على نشاط جسم الإنسان ولهذا يجد الإنسان بعد العطاس خفة ثم إن
التشميت بقول يرحمك الله مقيد بثلاث إذا شمته ثلاث مرات يعني عطس فحمد الله
فقلت يرحمك الله ثم عطس فحمد الله فقلت يرحمك الله ثم عطس فحمد الله فقلت
يرحمك الله ثم عطس الرابعة فقل عافاك الله إنك مزكوم تدعو له بالعافية
وتبين أنه مزكوم لئلا يقول لماذا لا تقول يرحمك الله كما كنت بالأول تقول
يرحمك الله فتبين العلة حين تقول إنك مزكوم وفي هذا تنبيه له على أن يحاول
الاحتراز مما يزيد الزكام وإلا فإن الزكام في الغالب لا دواء له إذا أصاب
الإنسان وأنه لا يذهب عنه حتى ينتهي منه لكن من أسباب تخفيف هذا الزكام عدم
التعرض للهواء البارد وعدم شرب الماء البارد وعدم التعرض للبرد بعد الدفء
والإنسان طبيب نفسه ثم إن ما يقوله بعض العامة إذا قلت له يرحمك الله حيث
يقول يهدينا ويهديكم الله فهذا ليس بصحيح لأن الرجل دعا لك أنت فقال يرحمك
الله فكيف تقول يهدينا ويهديكم الله فتدعو لنفسك قبله نعم لو قال يرحمنا
ويرحمك الله فقل يهدينا ويهديكم الله لكن هو قال يرحمك الله كما أمر فأنت
أجبه كما أمرت فقل يهديكم الله ويصلح بالكم وذكر أن اليهود كانوا يتعاطسون
عند النبي عليه الصلاة والسلام يتعاطسون يعني يتكلفون العطاس من أجل أن
يقول لهم يرحكم الله لأنهم يعلمون أنه نبي وأن دعاءه بالرحمة قد ينفعهم
ولكنه لا ينفعهم لأن الكفار لو دعوت لهم بالرحمة لا ينفعهم ذلك ولا يحل لك
أن تدعو لهم بالرحمة إذا ماتوا ولا بالمغفرة لقول الله تعالى ما كان للنبي
والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين
لهم أنهم أصحاب الجحيم فإن قيل أليس إبراهيم استغفر لأبيه وإبراهيم على
الحنيفية وعلى التوحيد والجواب يتضح في قول الله تعالى وما كان استغفار
إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه
إن إبراهيم لأواه حليم