[right]وهي مدنية.
بسم الله الرحمن الرحيم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
(1)
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ
جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ
كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ
عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
(2)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يقول تعالى: هذه ( سُورَةٌ أَنـزلْنَاهَا ) فيه تنبيه على
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الاعتناء بها ولا ينفى ما عداها.
( وفرضناها ) قال مجاهد وقتادة: أيْ بيّنا الحلال والحرام والأمر والنهي، والحدود.
وقال البخاري: ومن قرأ "فَرَضْناها" يقول: فَرَضْنا عليكم وعلى من بعدكم .
( وَأَنـزلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) أي: مفسَّرات واضحَات، ( لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) .
ثم قال تعالى: ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ) هذه الآية الكريمة فيها حكم الزاني في الحد،
وللعلماء فيه تفصيل ونـزاع؛ فإن الزاني لا يخلو إما أن يكون بكرًا، وهو
الذي لم يتزوج، أو محصنا، وهو الذي قد وَطِئَ في نكاح صحيح، وهو حر بالغ
عاقل. فأما إذا كان بكرًا لم يتزوج، فإن حدَّه مائة جلدة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] كما في الآية ويزاد على ذلك أن يُغرّب عاما [عن بلده]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عند جمهور العلماء،خلافا لأبي حنيفة، رحمه الله؛ فإن عنده أن التغريبَ إلى رأي الإمام، إن شاء غَرَّب وإن شاء لم يغرِّب .
وحجة الجمهور في ذلك ما ثبت في الصحيحين، من رواية الزهري، عن عُبَيْد
الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجُهَنيّ،
في الأعرابيين اللذين أتيا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-فقال أحدهما:
يا رسول الله، إن ابني كان عَسِيفا -يعني أجيرا -على هذا فزنى بامرأته،
فافتديت [ابني]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] منه بمائة شاة وَوَليدَة، فسألت أهل العلم، فأخبروني أن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] على ابني جلد مائة وتغريبَ عام، وأن على امرأة هذا الرجم . فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله: الوليدة
والغنم رَدٌّ عليك، وعلى ابنك جَلْدُ مائة وتغريبُ عام. واغد يا أنيس
-لرجل من أسلم -إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها". فغدا عليها فاعترفت،
فرجمها
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
ففي هذا دلالة على تغريب الزاني مع جلد مائة إذا كان بكرا لم يتزوج، فأما إن كان محصنا فإنه يرجم، كما قال الإمام مالك:
< 6-6 >
حدثني ابن شهاب، أخبرنا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أن ابن عباس أخبره أن عمر، رضي
الله عنه، قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، أيها الناس، فإن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الله بعث محمدًا بالحق، وأنـزل عليه الكتاب، فكان فيما أنـزل عليه آية
الرجم، فقرأناها وَوَعَيْناها، وَرَجمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم
وَرَجمْنا بعده، فأخشى أن يطول بالناس زمان أن يقول قائل: لا نجد آية الرجم
في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة قد أنـزلها الله، فالرجم في كتاب الله حق
على من زنى، إذا أحصن، من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو الحبل، أو
الاعتراف.
أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك مطولا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وهذا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] قطعة منه، فيها مقصودنا هاهنا.
وروى الإمام أحمد، عن هُشَيْم، عن الزهري، عن عُبَيد الله بن عبد الله،
عن ابن عباس: حدثني عبد الرحمن بن عوف؛ أن عمر بن الخطاب خطب الناس فسمعته
يقول: ألا وَإنّ أناسا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يقولون: ما بالُ الرجم؟ في كتاب الله الجلدُ. وقد رَجَم رسول الله صلى
الله عليه وسلم ورَجمَنا بعده. ولولا أن يقول قائلون -أو يتكلم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] متكلمون -أن عمر زاد في كتاب الله ما ليس منه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لأثبتها كما نـزلت .
وأخرجه النسائي، من حديث عُبَيْد الله بن عبد الله، به
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقد روى أحمد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أيضًا، عن هُشَيْم، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مِهْران، عن ابن عباس قال: خطب عمر بن الخطاب فذكر الرجم فقال: لا تُخْدَعُن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عنه؛ فإنه حَدٌّ من حدود الله ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم
ورَجمَنا بعده، ولولا أن يقول قائلون: زاد عمر في كتاب الله ما ليس فيه،
لكتبت في ناحية من المصحف: وشهد عمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف، وفلان
وفلان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ورجمنا بعده. ألا وإنه
سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم وبالدجال
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وبالشفاعة وبعذاب القبر، وبقوم يخرجون من النار بعدما امتُحِشُوا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وروى أحمد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أيضا، عن يحيى القَطَّان، عن يحيى الأنصاري، عن سعيد بن المسيَّب، عن عمر بن الخطاب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] : إياكم أن تهَلكوا عن آية الرجم.
الحديث رواه الترمذي، من حديث سعيد، عن عُمَر، وقال: صحيح
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا عُبَيْد الله بن عمر القواريري، حدثنا يزيد بن زُرَيْع، حدثنا ابن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عَوْن، عن محمد -هو ابن سِيرِين -قال: نُبِّئتُ عن كَثِير بن الصلت قال: كنا عند < 6-7 >
مروان وفينا زيد، فقال زيد: كنا نقرأ: "والشيخ والشيخة فارجموهما
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] البتة". قال مروان: ألا كتبتَها في المصحف؟ قال: ذكرنا ذلك وفينا عمر بن
الخطاب، فقال: أنا أشفيكم من ذلك.قال: قلنا: فكيف؟ قال: جاء رجل إلى النبي
صلى الله عليه وسلم، قال: فذكر كذا وكذا، وذكر الرجم، فقال: يا رسول الله،
أكْتِبْني آية الرجم: قال: "لا أستطيع الآن". هذا أو نحو
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ذلك.
وقد رواه النسائي، عن محمد بن المثنى، عن غُنْدَر، عن شعبة، عن قتادة،
عن يونس بن جُبَير، عن كَثِير بن الصَّلْت، عن زيد بن ثابت، به
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وهذه طرق كلها متعددة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ودالة على أن آية الرجم كانت مكتوبة فنسخ تلاوتها، وبقي حكمها معمولا به، ولله الحمد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم هذه المرأة، وهي زوجة الرجل الذي استأجر الأجير لما زَنَت مع الأجير. ورجم النبي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] صلى الله عليه وسلم ماعزًا والغامِدِيَّة. وكل هؤلاء لم يُنقَل عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه جَلدهم قبل الرجم. وإنما وردت الأحاديث
الصِّحَاح المتعددة الطرق والألفاظ، بالاقتصار على رجمهم، وليس فيها ذكر
الجلد؛ ولهذا كان هذا مذهب جمهور العلماء، وإليه ذهب أبو حنيفة، ومالك،
والشافعي، رحمهم الله. وذهب الإمام أحمد، رحمه الله، إلى أنه يجب أن يجمع
على الزاني المحصَن بين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الجلد للآية والرجم للسنة، كما روي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه لما أتي بشُرَاحة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وكانت قد زنت وهي مُحْصَنَةٌ، فجلدها يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، ثم
قال: جلدتهُا بكتاب الله، ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد روى الإمام أحمد ومسلم، وأهل السنن الأربعة، من حديث قتادة، عن الحسن، عن حِطَّان
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بن عبد الله الرَّقَاشِيّ، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا البِكْر
بالبِكْر، جَلْد مائة وتغريب سنة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] والثيب بالثيب، جلد مائة والرجم"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقوله: ( وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ) أي:
في حكم الله. لا ترجموهما وترأفوا بهما في شرع الله، وليس المنهي عنه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الرأفة الطبيعية [ألا تكون حاصلة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] على ترك الحد، [وإنما هي الرأفة التي تحمل الحاكم على ترك الحد]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فلا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يجوز ذلك.
قال مجاهد: ( وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ )
قال: إقامة الحدود إذا رُفعت إلى السلطان، فتقام ولا تعطل. وكذا رُوي عن
سعيد
بن جُبَيْر، وعَطَاء بن أبي رَبَاح. وقد جاء في الحديث: < 6-8 >
"تعافَوُا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حَدٍّ فقد وَجَب"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] . وفي الحديث الآخر: "لَحَدٌّ يقام في الأرض، خير لأهلها من أن يُمطَروا أربعين صباحا"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقيل: المراد: ( وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ
) فلا تقيموا الحد كما ينبغي، من شدة الضرب الزاجر عن المأثم، وليس المراد
الضرب المبرِّح.
قال عامر الشعبي: ( وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ) قال: رحمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] في شدة الضرب. وقال عطاء: ضرب ليس بالمبرِّح. وقال سعيد بن أبي عَرُوُبة، عن حماد بن أبي سليمان: يجلد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] القاذف وعليه ثيابه، والزاني تخلع ثيابه، ثم تلا ( وَلا تَأْخُذْكُمْ
بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ) فقلت: هذا في الحكم؟ قال: هذا في
الحكم والجلد -يعني في إقامة الحد، وفي شدة الضرب.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عمرو بن عبد الله الأوْدِيّ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] حدثنا وَكيع، عن نافع، [عن]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ابن عمرو، عن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ابن أبي مُلَيْكَة، عن عبيد الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بن عبد الله بن عمر: أن جارية لابن عمر زنت، فضرب رجليها -قال نافع: أراه
قال: وظهرها -قال: قلت: ( وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ
اللَّهِ ) قال: يا بني، ورأيتَني أخَذَتْني بها رأفة؟ إن الله لم يأمرني أن
أقتلها، ولا أن أجعل جَلدها في رأسها، وقد أوجعت حيث ضربت
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقوله: ( إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )
أي: فافعلوا ذلك: أقيموا الحدود على من زنى، وشددوا عليه الضرب، ولكن ليس
مبرِّحا؛ ليرتدع هو ومن يصنع مثله بذلك. وقد جاء في المسند عن بعض الصحابة
أنه قال: يا رسول الله، إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها، فقال: "ولك في ذلك
أجر"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقوله: ( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) :
هذا فيه تنكيل للزانيين إذا جُلِدا بحضرة الناس، فإن ذلك يكون أبلغ في
زجرهما، وأنجع في ردعهما، فإن في ذلك تقريعًا وتوبيخا وفضيحة إذا كان الناس
حضورا .
قال الحسن البصري في قوله: ( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) يعني: علانية.
ثم قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) الطائفة: الرجل فما فوقه.
وقال مجاهد: الطائفة: رجل إلى الألف. وكذا قال عكرمة؛ ولهذا قال أحمد: إن الطائفة تصدُق على واحد.
وقال عطاء بن أبي رباح: اثنان. وبه قال إسحاق بن رَاهَويه. وكذا قال
سعيد بن جبير: ( طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: يعني: رجلين فصاعدا .
< 6-9 >
وقال الزهري: ثلاث نفر فصاعدا .
وقال عبد الرزاق: حدثني ابن وَهْب، عن الإمام مالك في قوله: (
وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: الطائفة:
أربعة نفر فصاعدا؛ لأنه لا يكون شهادة في الزنى دون أربعة شهداء فصاعدًا.
وبه قال الشافعي .
وقال ربيعة: خمسة. وقال الحسن البصري: عشرة. وقال قتادة: أمر الله أن
يشهد عذابهما طائفة من المؤمنين، أي: نفر من المسلمين؛ ليكون ذلك موعظة
وعبرة ونكالا .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن عثمان، حدثنا بَقِيَّةُ
قال: سمعت نصر بن علقمة في قوله: ( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: ليس ذلك للفضيحة، إنما ذلك ليدعى اللهُ تعالى
لهما بالتوبة والرحمة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا
يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ
(3)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] هذا خَبَر من الله تعالى بأن الزاني لا يَطأ إلا زانية أو مشركة. أي:
لا يطاوعه على مراده من الزنى إلا زانية عاصية أو مشركة، لا ترى حرمة ذلك،
وكذلك: ( الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ ) أي: عاص بزناه، ( أَوْ
مُشْرِكٌ ) لا يعتقد تحريمه .
قال سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي عَمَرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن
عباس، رضي الله عنهما: ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ
مُشْرِكَةً ) قال: ليس هذا بالنكاح، إنما هو الجماع، لا يزني بها إلا زانٍ
أو مشرك .
وهذا إسناد صحيح عنه، وقد رُوي عنه من غير وجه أيضا. وقد رُوي عن
مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وعُرْوَة بن الزبير، والضحاك، ومكحول،
ومُقَاتِل بن حَيَّان، وغير واحد، نحوُ ذلك .
وقوله تعالى: ( وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) أي: تعاطيه والتزويج بالبغايا، أو تزويج العفائف بالفجار من الرجال.
وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا قَيْس، عن أبي حُصَين، عن سعيد بن
جُبَيْرٍ، عن ابن عباس: ( وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) قال:
حَّرم الله الزنى على المؤمنين.
وقال قتادة، ومقاتل بن حَيّان: حرم الله على المؤمنين نكاح البغايا،
وتَقَدّم في ذلك فقال: ( وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ )
وهذه الآية كقوله تعالى:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [النساء : 25] وقوله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الآية [المائدة : 5] ومن هاهنا ذهب الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله، إلى
أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت < 6-10 >
كذلك حتى تستتاب، فإن تابت صح العقد عليها وإلا فلا وكذلك لا يصح تزويج
المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح، حتى يتوب توبة صحيحة؛ لقوله
تعالى: ( وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ )
وقال الإمام أحمد: حدثنا عارم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ، حدثنا مُعْتَمِر بن سليمان قال: قال أبي: حدثنا الحضرمي، عن القاسم بن
محمد، عن عبد الله بن عَمْرو، رضي الله عنهما، أن رجلا من المسلمين استأذنَ
رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها: "أم مهزول" كانت تسافح،
وتشترط له أن تنفق عليه -قال: فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم -أو:
ذكر له أمرها -قال: فقرأ عليه رسول
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الله صلى الله عليه وسلم: ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ
مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ
وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ )
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقال النسائي: أخبرنا عمرو بن علي، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه،
عن الحضرمي، عن القاسم بن محمد، عن عبد الله بن عمرو قال: كانت امرأة يقال
لها: "أم مهزول" وكانت تسافح، فأراد رجل من أصحاب رسول
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها، فأنـزل الله عز وجل: ( الزَّانِي لا
يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا
إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ )
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
[و]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] قال الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا روح بن عُبَادة بن عُبَيد الله بن
الأخنس، أخبرني عمرو بن شُعَيب عن أبيه، عن جده قال: كان رجل يقال له
"مَرْثَد بن أبي مرثد" وكان رجلا يحمل الأسارى من مكة حتى يأتي بهم
المدينة. قال: وكانت امرأةٌ بَغي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بمكة يقال لها "عَنَاق"، وكانت صديقة له، وأنه واعد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] رجلا من أسارى مكة يحمله. قال: فجئت حتى انتهيتُ إلى ظل حائط من حوائط مكة
في ليلة مقمرة، قال: فجاءت "عناق" فأبصرت سواد ظلي تحت الحائط، فلما انتهت
إليّ عرفتني
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ، فقالت: مَرْثَد؟ فقلت: مرثد فقالت: مرحبًا وأهلا هلم فبت عندنا الليلة. قال: فقلت
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يا عناق، حرم الله الزنى. فقالت
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يا أهل الخيام، هذا الرجل يحمل أسراكم. قال: فتبعني ثمانية ودخلت الحَندمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فانتهيت إلى غار -أو كهف فدخلت فيه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فجاءوا حتى قاموا على رأسي فبالوا، فظل بولهم على رأسي، فأعماهم الله عني
-قال: ثم رجعوا، فرجعت إلى صاحبي فحملته، وكان رجلا ثقيلا حتى انتهيت إلى
الإذخَر، ففككت عنه أكبُله،
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فجعلت أحمله ويعِينني، حتى أتيت به
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] المدينة، فأتيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أنكح
عناقا؟ أنكح عناقا؟ -مرتين-فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يرد
علي شيئا، حتى نـزلت ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ
مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ
وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "يا مرثد، ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً
[وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ] )
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] < 6-11 >
فلا تنكحها" ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
وقد رواه أبو داود والنسائي، في كتاب النكاح من سننهما
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] من حديث عبيد الله بن الأخنس، به
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا مُسَدَّد أبو الحسن، حدثنا عبد
الوارث، عن حبيب المعلم، حدثني عمرو بن شعيب، عن سعيد المَقْبُرِيّ، عن أبي
هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينكح
الزاني المجلود إلا مثله" .
وهكذا أخرجه أبو داود في سننه، عن مسدد وأبي معمر -عبد الله بن عمرو -كلاهما، عن عبد الوارث، به
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب، حدثنا عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله
بن عمر بن الخطاب، عن أخيه عمر بن محمد، عن عبد الله بن يسار -مولى ابن
عمر -قال: أشهد لسمعت سالما يقول: قال عبد الله: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "ثلاثة لا يدخلون الجنة، ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة:
العاق لوالديه، والمرأة المترجلة -المتشبهة بالرجال -والديوث. وثلاثة لا
ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، ومُدْمِن الخمر، والمنَّان
بما أعطى" .
ورواه النسائي، عن عمرو بن علي الفلاس، عن يزيد بن زُرَيع، عن عُمَر بن محمد العُمَري، عن عبد الله بن يسار، به
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، حدثنا الوليد بن كثير،
عن قَطَن بن وهب، عن عُوَيْمر بن الأجدع، عمن حدثه، عن سالم بن عبد الله
بن عمر قال: حدثني عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"ثلاثة حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والدَّيُّوث الذي يقر في
أهله الخبث"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقال أبو داود الطيالسي في مسنده: حدثنا شعبة، حدثني رجل -من آل سهل بن
حُنَيْف -، عن محمد بن عَمَّار، عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة دَيُّوث"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
يستشهد به لما قبله من الأحاديث .
وقال ابن ماجه: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا سَلام بن سَوَّار، حدثنا
كَثِير بن سُلَيم، عن الضحاك بن مُزَاحِم: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم [يقول]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] " من أراد أن يلقى الله طاهرًا مُطَهَّرًا، فليتزوج الحرائر" .
< 6-12 >
في إسناده ضعف
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
قال الإمام أبو نصر إسماعيل بن حَمَّاد الجوهري في كتاب "الصحاح في اللغة:" الدَّيُّوث القُنذُع وهو الذي لا غَيرَةَ له
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
فأما الحديث الذي رواه الإمام أبو عبد الرحمن النسائي في كتاب "النكاح" من
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] سننه: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عُلَيَّة، عن يزيد بن هارون، عن حماد بن
سلمة وغيره، عن هارون ابن رئاب، عن عبد الله بن عُبَيد بن عمير -وعبد
الكريم، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن عباس -عبدُ الكريم رفعه إلى
ابن عباس، وهارون لم يرفعه -قالا جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: إن عندي امرأة [هي]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] من أحبِّ الناس إلي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وهي لا تمنع يد لامِس قال: "طلقها". قال: لا صبر لي عنها قال: "استمتع
بها" ، ثم قال النسائي: هذا الحديث غير ثابت، وعبد الكريم ليس بالقوي،
وهارون أثبت منه، وقد أرسل الحديث وهو ثقة، وحديثه أولى بالصواب من حديث
عبد الكريم.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
قلت: وهو ابن أبي المخارق البصري المؤدب تابعي ضعيف الحديث، وقد خالفه
هارون بن رئاب، وهو تابعي ثقة من رجال مسلم، فحديثه المرسل أولى كما قال
النسائي. لكن قد رواه النسائي في كتاب "الطلاق"، عن إسحاق بن راهويه، عن
النضر بن شُمَيل
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عن حماد بن سلمة، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبَيد بن عمير، عن
ابن عباس مسندا، فذكره بهذا الإسناد، رجاله على شرط مسلم، إلا أن النسائي
بعد روايته له قال: "وهذا خطأ، والصواب مرسل"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ورواه غير النضر على الصواب.
وقد رواه النسائي أيضا وأبو داود، عن الحسين بن حُرَيث، أخبرنا الفضل
بن موسى، أخبرنا الحسين بن واقد، عن عُمَارة بن أبي حفصة، عن عكرمة، عن ابن
عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره. وهذا إسناد جيد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقد اختلف الناس في هذا الحديث ما بين مُضَعِّف له، كما تقدَّم، عن النسائي، وكما قال الإمام أحمد: هو حديث منكر.
وقال ابن قتيبة: إنما أراد أنها سخية لا تمنع سائلا . وحكاه النسائي في
سننه، عن بعضهم فقال: وقيل: "سخية تعطي"، ورُدّ هذا بأنه لو كان المراد
لقال: لا تَرُدّ يد ملتمس.
< 6-13 >
وقيل: المراد أن سجيتها لا تَرُدّ يد لامس، لا أن المراد أن هذا واقع
منها، وأنها تفعل الفاحشة؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأذن في
مصاحبة من هذه صفتها. فإن زوجها -والحالة هذه -يكون دَيّوثا، وقد تقدم
الوعيد على ذلك. ولكن لما كانت سجيتها هكذا ليس فيها ممانعة ولا مخالفة لمن
أرادها لو خلا بها أحد، أمره رسولُ صلى الله عليه وسلم بفراقها. فلما ذكر
أنه يحبها أباح له البقاء معها؛ لأن محبته لها محققة، ووقوع الفاحشة منها
متوهم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فلا يُصَار إلى الضرر العاجل لتوهم الآجل، والله سبحانه وتعالى أعلم .
قالوا: فأما إذا حصلت توبة فإنه يحل التزويج، كما قال الإمام أبو محمد بن أبي حاتم رحمه الله:
حدثنا أبو سعيد الأشَجّ، حدثنا أبو خالد، عن ابن أبي ذئب، قال: سمعت [شعبة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] -مولى ابن عباس، رضي الله عنه -قال: سمعت ابن عباس وسأله رجل قال
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] :إني كنت ألم بامرأة آتي منها ما حَرّم الله عز وجل عليّ، فرزق الله عز
وجل من ذلك توبة، فأردت أن أتزوجها، فقال أناس: إن الزاني لا ينكح إلا
زانية. فقال ابن عباس: ليس هذا في هذا، انكحها فما كان من إثم فعلي .
وقد ادعى طائفة آخرون من العلماء أن هذه الآية منسوخة، قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو خالد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد ابن
المسيب. قال: ذُكر عنده ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ
مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ) قال:
كان يقال: نسختها [الآية]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] التي بعدها:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [النور : 32] قال: كان يقال الأيامى من المسلمين.
وهكذا رواه الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب "الناسخ والمنسوخ"
له، عن سعيد بن المسيب. ونص على ذلك أيضا الإمام أبو عبد الله محمد بن
إدريس الشافعي، رحمه الله .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ
شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ
شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
(4)
إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(5)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] هذه الآية الكريمة فيها بيان حكم جلد القاذف للمحصنة، وهي الحرة
البالغة العفيفة، فإذا كان المقذوف رجلا فكذلك يجلد قاذفه أيضًا، ليس في
هذا نـزاع بين العلماء. فأما إن أقام القاذف بينة على صحة ما قاله، رُدّ
عنه الحد؛ ولهذا قال تعالى: ( ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً
أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ، فأوجب على القاذف إذا لم يقم
بينة على < 6-14 >
صحة ما قاله ثلاثة أحكام:
أحدها: أن يجلد ثمانين جلدة.
الثاني: أنه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ترد شهادته دائما.
الثالث: أن يكون فاسقًا ليس بعدل، لا عند الله ولا عند الناس .
ثم قال تعالى: ( إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ
وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ، اختلف العلماء في هذا
الاستثناء: هل يعود إلى الجملة الأخيرة فقط فترفع التوبة الفسق فقط، ويبقى
مردود الشهادة دائما وإن تاب، أو يعود إلى الجملتين الثانية والثالثة ؟
وأما الجلد فقد ذهب وانقضى، سواء تاب أو أصر، ولا حكم له بعد ذلك بلا خلاف
-فذهب الإمام مالك والشافعي وأحمد بن حنبل إلى أنه إذا تاب قبلت شهادته،
وارتفع عنه حكم الفسق. ونص عليه سعيد بن المسيب -سيد التابعين -وجماعة من
السلف أيضًا.
وقال الإمام أبو حنيفة: إنما يعود الاستثناء إلى الجملة الأخيرة فقط،
فيرتفع الفسق بالتوبة، ويبقى مردود الشهادة أبدًا. وممن ذهب إليه من السلف
القاضي -شُرَيح، وإبراهيم النَّخَعِيّ، وسعيد بن جُبَيْر، ومكحول، وعبد
الرحمن بن زيد بن أسلم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقال الشعبي والضحاك: لا تقبل شهادته وإن تاب، إلا أن يعترف على نفسه بأنه قد قال البهتان، فحينئذ تقبل شهادته، والله أعلم .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا
أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ
إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ
(6)
وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ
(7)
وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ
(
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ
(9)
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ
(10)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] هذه الآية الكريمة فيها فَرَج للأزواج وزيادة مخرج، إذا قذف أحدهم زوجته وتعسر عليه إقامة البينة، أن يلاعنها، كما أمر الله عز وجل
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وهو أن يحضرها إلى الإمام، فيدعي عليها بما رماها به، فيحلفه الحاكم أربع
شهادات بالله في مقابلة أربعة شهداء، ( إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ) أي:
فيما رماها به من الزنى، ( وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ
عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) فإذا قال ذلك، بانت منه بنفس هذا
اللعان عند الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وحرمت عليه أبدًا، ويعطيها
مهرها، ويتوجه عليها حد الزنى، ولا يدرأ عنها العذاب إلا أن تلاعن، فتشهد
أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، أي: فيما رماها به، ( وَالْخَامِسَةَ
أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) ولهذا
قال: ( وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ ) < 6-15 >
يعني: الحد، ( أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ
لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ
كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) فخصها بالغضب، كما أن الغالب أن الرجل لا
يتجشم فضيحة أهله ورميها بالزنى إلا وهو صادق معذور، وهي تعلم صدقه فيما
رماها به. ولهذا كانت الخامسة في حقها أن غضب الله عليها. والمغضوب عليه هو
الذي يعلم الحق ثم يحيد عنه.
ثم ذكر تعالى لطفه بخلقه، ورأفته بهم، وشرعه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لهم الفرج والمخرج من شدة ما يكون فيه من الضيق، فقال: ( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ) أي: لحرجتم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ولشق عليكم كثير من أموركم، ( وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ ) [أي]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] : على عباده -وإن كان ذلك بعد الحلف والأيمان المغلظة-( حَكِيمٌ ) فيما يشرعه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ويأمر به وفيما ينهى عنه.
وقد وردت الأحاديث بمقتضى العمل بهذه الآية، وذكر سبب نـزولها، وفيمن نـزلت فيه من الصحابة، فقال الإمام أحمد:
حدثنا يزيد، أخبرنا عَبَّاد بن منصور، عن عكْرمَة، عن ابن عباس قال: لما نـزلت:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً
أَبَدًا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ، قال سعد بن عبادة -وهو سيد الأنصار -: هكذا أنـزلت يا رسول الله؟ فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم" : يا معشر الأنصار ألا تسمعون ما يقول
سيدكم؟" قالوا: يا رسول الله، لا تَلُمه فإنه رجل غيور، والله ما تزوج
امرأة قَطّ [إلا بكرًا، وما طلق امرأة له قط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فاجترأ رجل منا أن يتزوجها، من شدة غيرته. فقال سعد: والله -يا رسول الله
-إني لأعلم أنها حق وأنها من الله، ولكني قد تعجَبت أني لو وجدت لَكاعًا قد
تَفَخَّذها رجل، لم يكن لي أن أهيّجه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء،
فوالله لا آتي بهم حتى يقضي حاجته. قال: فما لبثوا إلا يسيرًا حتى جاء هلال
بن أمية -وهو أحد الثلاثة الذين تِيبَ عليهم -فجاء من أرضه عشاء، فوجد عند
أهله رجلا فرأى بعينيه، وسمع بأذنيه، فلم يُهَيّجه حتى أصبح، فغدا على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني جئت أهلي عشاء،
فوجدتُ عندها رجلا فرأيت بعيني، وسمعت بأذني. فَكَرِهَ رسولُ الله صلى الله
عليه وسلم ما جاء به، واشتدّ عليه، واجتمعت الأنصار فقالوا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة، الآن يضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلالَ بن أمية، ويبْطل شهادته في المسلمين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] . فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجًا. وقال هلال: يا رسول الله، إني قد أرى ما اشتد عليك مما
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] جئت به، والله يعلم إني لصادق . فوالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
يريد أن يأمر بضربه، إذ أنـزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي
-وكان إذا نـزل عليه الوحي عرفوا ذلك، في تَرَبُّد وجهه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة].
يعني: فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي -فنـزلت: ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ
أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ
فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ )
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الآية، فَسُرّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أبشر يا هلال، قد
جعل الله لك فرجًا ومخرجًا". فقال هلال: قد كنت أرجو ذلك من ربي، عز وجل.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرسلوا إليها". < 6-16 >
فأرسلوا إليها، فجاءت، فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما،
وذكرهما وأخبرهما أن عذابَ الآخرة أشدّ من عذاب الدنيا. فقال هلال: والله
-يا رسول الله -لقد صَدَقتُ عليها . فقالت: كذب. فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "لاعنوا بينهما" . فقيل لهلال: اشهد. فشهد أربع شهادات بالله
إنه لمن الصادقين، فلما كان في الخامسة قيل له: يا هلال، اتق الله، فإن
عذاب الدنيا أهونُ من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبةُ التي توجب عليك
العذاب. فقال: والله لا يعذبني الله عليها، كما لم يجلدني عليها. فشهد في
الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم قيل [لها: اشهدي أربع
شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، فلما كانت الخامسة قيل]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لها: اتقي الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبةُ
التي توجب عليك العذاب. فتلكأت ساعة، ثم قالت: والله لا أفضح قومي فشهدت في
الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. ففرق رسول الله صلى الله
عليه وسلم بينهما، وقضى ألا يدعى ولدها لأب ولا يرمى ولدها، ومن رماها أو
رمى ولدها فعليه الحد، وقضى ألا [بيت لها عليه ولا]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] قوت لها، من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق، ولا مُتَوَفى عنها. وقال: "إن
جاءت به أصَيْهِب أرَيسح حَمْش الساقين فهو لهلال، وإن جاءت به أورق
جَعدًا جَمَاليًّا خَدلَّج الساقين سابغ الأليتين، فهو الذي رميت به" فجاءت
به أورق جعدا جماليًّا خدلج الساقين سابغ الأليتين، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "لولا الأيمان لكان لي ولها شأن".
قال عكرمة: فكان بعد ذلك أميرًا على مصر، وكان يدعى لأمه ولا يدعى لأب.
ورواه أبو داود عن الحسن بن عليّ، عن يزيد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بن هارون، به نحوه مختصرًا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
ولهذا الحديث شواهد كثيرة في الصحاح وغيرها من وجوه كثيرة. فمنها ما
قال البخاري: حدثني محمد بن بَشَّار، حدثنا ابن أبي عَدِيّ، عن هشام بن
حسان، حدثني عِكْرِمَة، عن ابن عباس؛ أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي
صلى الله عليه وسلم بشَرِيك بن سَحْماء، فقال رسول الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] صلى الله عليه وسلم: " البينة أو حَدُّ في ظهرك" فقال: يا رسول الله، إذا أري
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أحدنا على امرأته رجلا ينطلقُ يلتمس البينة؟ فجعل النبي صلى الله عليه
وسلم يقول: "البينة وإلا حدّ في ظهرك". فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني
لصادق، ولينـزلن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الله ما يُبرئ ظهري
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] من الحد. فنـزل جبريل، وأنـزل
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عليه: ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ) ، فقرأ حتى بلغ: ( إِنْ
كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهما،
فجاء هلال فشهد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الله يشهد أن أحدكما
كاذب، فهل منكما تائب"؟ ثم قامت فشهدت، فلما كانت عند الخامسة وَقَّفُوها
وقالوا: إنها مُوجبة. قال ابن عباس: فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم
قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم. فمضت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"أبْصِرُوها، فإن جاءت به أكحلَ العينين، سابغ الأليتين، خَدَلَّج الساقين،
فهو لشَرِيك بن سَحْمَاءَ". فجاءت به كذلك، فقال النبي صلى الله عليه
وسلم: "لولا ما مضى من كتاب الله، لكان لي ولها شأن" .
< 6-17 >
انفرد به البخاري من هذا الوجه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وقد رواه من غير وجه، عن ابن عباس وغيره.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن منصور الزيادي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] حدثنا يونس بن محمد، حدثنا صالح -وهو ابن عمر -حدثنا عاصم -يعني: ابن
كُلَيْب -، عن أبيه، حدثني ابن عباس قال: جاء رجل إلى رسول الله، فرمى
امرأته برجل، فكره ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يُرَدّده
حتى أنـزل الله: ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ
لَهُمْ شُهَدَاءُ [إِلا أَنْفُسُهُمْ ] )
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [فقرأ]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] حتى فرغ من الآيتين، فأرسل إليهما فدعاهما، فقال: "إن الله، عَزّ وجل، قد
أنـزل فيكما". فدعا الرجل فقرأ عليه، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن
الصادقين. ثم أمر به فأمسك على فيه فوعظه، فقال له:"كل شيء أهون عليه من
لعنة الله". ثم أرسله فقال: ( لَعْنتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ
الْكَاذِبِينَ ) ثم دعا بها، فقرأ عليها، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن
الكاذبين، ثم أمر بها فأمسك على فيها فوعظها، وقال: "ويحك. كل شيء أهون من
غضب الله". ثم أرسلها، فقالت: ( غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ
الصَّادِقِينَ ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما والله لأقضينّ
بينكما قضاء فصلا". قال: فولدت، فما رأيت مولودًا بالمدينة أكثر غاشية منه،
فقال: "إن جاءت به لكذا وكذا فهو كذا، وإن جاءت به لكذا وكذا فهو لكذا".
فجاءت به يشبه الذي قُذفت به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان
قال: سمعت سعيد بن جُبَير قال: سُئلْتُ عن المتلاعنين أيفرّق بينهما -في
إمارة ابن الزبير؟ فما دَرَيتُ ما أقول، فقمت من مكاني إلى منـزل ابن عمر
فقلتُ: أبا عبد الرحمن، المتلاعنان أيفرق بينهما؟ فقال: سبحان الله، إن أول
من سأل عن ذلك فلان بن فلان فقال: يا رسول الله، أرأيت الرجل يرى امرأته
على فاحشة فإن تَكَلَّم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثل ذلك. فسكت فلم
يجبه، فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: الذي سألتك عنه قد ابتُليت به. فأنـزل
الله عز وجل هذه الآيات
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] في سورة النور: ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ) حتى بلغ: ( أَنَّ
غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) . فبدأ بالرجل
فوعظه وذكَّره، وأخبره أن عذاب الدنيا أهونُ من عذاب الآخرة، فقال: والذي
بعثك بالحق ما كَذَبْتُك. ثم ثنى بالمرأة فوعظها وذَكَّرها، وأخبرها أن
عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فقالت: والذي بعثك بالحق
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إنه لكاذب. قال: فبدأ بالرجل، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين،
والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع
شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من
الصادقين، ثم فَرَّقَ بينهما.
رواه النسائي في التفسير، من حديث عبد الملك بن أبي سليمان، به
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وأخرجاه في الصحيحين من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عَوَانة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن < 6-18 >
علقمة، عن عبد الله قال: كنَّا جلوسًا عشية الجمعة في المسجد، فقال رجل من
الأنصار: أحدنا إذا رأى مع امرأته رجلا فقتله قتلتموه، وإن تكلم جلدتموه،
وإن سكت سكت عن غيظ؟ والله لَئن أصبحت صالحًا لأسألن رسول الله صلى الله
عليه وسلم. قال: فسأله. فقال: يا رسول الله، إن أحدنا إذا رأى مع امرأته
رجلا فقتله قتلتموه، وإن تكلم جلدتموه، وإن سكت سكت على غيظ؟ اللهم احكم.
قال: فأنـزل آية اللعان، فكان ذلك الرجل أول من ابتلي به.
انفرد بإخراجه مسلم، فرواه من طُرُق، عن سليمان بن مِهْران الأعمش، به
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا أبو كامل: حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا
ابن شهاب، عن سهل بن سعد، قال: جاء عُوَيْمر إلى عاصم بن عَدِيّ فقال: سَلْ
رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت رجلا وجد رجلا مع امرأته فقتله،
أيقتل به أم كيف يصنع؟ فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعابَ
رسولَ الله صلى الله عليه وسلم المسائل. قال: فلقيه عُوَيمر فقال: ما
صنعْتَ؟ قال: ما صنعت! إنك لم تأتني بخير؛ سألت رسول الله صلى الله عليه
وسلم فعاب المسائل فقال عُوَيمر: والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم
فَلأسألنه. فأتاه فوجده قد أنـزل عليه فيهما. قال: فدعا بهما فَلاعَن
بينهما. قال عُوَيمر: لئن انطلقتُ بها يا رسول الله لقد كذبت عليها. قال:
ففارقها قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فصارت سنة المتلاعنين،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبصروها، فإن جاءت به أسحم أدعج
العينين عظيم الأليتين، فلا أراه إلا قد صدق، وإن جاءت به أحيمر كأنه
وَحَرَة فلا أراه إلا كاذبًا" . فجاءت به على النعت المكروه.
أخرجاه في الصحيحين وبقية الجماعة إلا الترمذي، من طرق، عن الزهري، به
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا إسحاق بن الضيف، حدثنا النضر بن شُمَيْل، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن زيد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بن يُثَيْع، عن حذيفة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لأبي بكر: "لو رأيت مع أم رومان رجلا ما كنت فاعلا به؟ قال: كنت والله
فاعلا به شرًا. قال:"فأنتَ يا عمر؟". قال: كنتُ والله فاعلا كنت أقول: لعن
الله الأعجز، وإنه خبيث. قال: فنـزلت: ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ
أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ ) .
ثم قال: لا نعلم أحدًا أسنده إلا النَّضر بن شُميْل، عن يونس بن أبي إسحاق، ثم رواه من حديث الثوري عن [أبي]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أبي إسحاق، عن زيد بن يُثَيْع مرسلا فالله أعلم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا مسلم بن أبي مسلم الجَرْمي، حدثنا
مُخَلَّدُ بن الحسين، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك، رضي الله
عنه، قال: لأول لعان كان في الإسلام أن شَرِيكَ بن سَحْمَاء قذَفه هلال بن
أمية بامرأته، فرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم:"أربعة شهود وإلا فَحَدٌّ في ظهرك" ، فقال: يا رسول الله،
إن الله يعلم إني لصادق، ولينـزلن الله عليك ما يبرئ به ظهري من الجلد.
فأنـزل الله آية اللعان: ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ
يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ ) إلى آخر الآية. قال: فدعاه
النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اشهد بالله إنك لمن الصادقين فيما رميتها
به من الزنى" فشهد بذلك أربع < 6-19 >
شهادات، ثم قال له في الخامسة: "ولعنة الله عليك إن كنتَ من الكاذبين فيما
رميتها به من الزنى"، ففعل. ثم دعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
"قومي فاشهدي بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماك به من الزنى". فشهدت بذلك
أربع شهادات، ثم قال لها في الخامسة: "وغَضب الله عليك إن كان من الصادقين
فيما رماك به من الزنى" ، فقالت: فلما كانت الرا