(22) [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] . يذكر تعالى نعمه على عبيده [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] التي لا تعدّ ولا تحصى، في إنـزاله القَطْر من السماء ( بِقَدَرٍ ) أي: بحسب الحاجة، لا كثيرًا فيفسد الأرض والعمران، ولا قليلا فلا يكفي الزروع والثمار، بل بقدر الحاجة إليه من السقي والشرب والانتفاع به، حتى إن الأراضي التي تحتاج ماء كثيرًا لزرعها ولا تحتمل دِمْنتها إنـزال المطر عليها، يسوق إليها الماء من بلاد أخرى، كما في أرض مصر، ويقال لها: "الأرض الجرُز" ، يسوق الله إليها ماء النيل معه طين أحمر يجترفه من بلاد الحبشة في زمان أمطارها، فيأتي الماء يحمل طينًا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أحمر، فيسقي أرض مصر، ويقر الطين على أرضهم ليزدرعوا فيه، لأن أرضهم سباخ يغلب عليها الرمال، فسبحان اللطيف الخبير الرحيم الغفور. وقوله: ( فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرْضِ ) أي: جعلنا الماء إذا نـزل من السحاب يخلد في الأرض، وجعلنا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] في الأرض قابليَّة له، تشربه ويتغذى به ما فيها من الحب والنوى. وقوله: ( وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ) أي: لو شئنا ألا تمطر لفعلنا، ولو شئنا لصرفناه عنكم إلى السباخ والبراري [والبحار] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] والقفار لفعلنا، ولو شئنا لجعلناه أجاجًا لا ينتفع به لشُرب ولا لسقي لفعلنا، ولو شئنا لجعلناه لا ينـزل في الأرض، بل ينجَرّ على وجهها لفعلنا. ولو شئنا لجعلناه إذا نـزل فيها يغور إلى مَدَى لا تصلون إليه ولا تنتفعون به لفعلنا. ولكن بلطفه ورحمته ينـزل عليكم الماء من السحاب عذبًا فراتًا زلالا فيسكنه في الأرض ويَسْلُكُه ينابيع في الأرض، فيفتح [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] العيون والأنهار، فيسقي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] به الزروع والثمار، وتشربون منه ودوابكم وأنعامكم، وتغتسلون [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] منه وتتطهرون < 5-471 > وتتنظفون، فله الحمد والمنة. وقوله: ( فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ ) يعني: فأخرجنا لكم بما أنـزلنا من الماء ( جَنَّاتٍ ) أي: بساتين وحدائق ذات بهجة، أي: ذات منظر حسن. وقوله: ( مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ ) أي: فيها نخيل وأعناب. وهذا ما كان يألف أهل الحجاز، ولا فرق بين الشيء وبين نظيره، وكذلك في حق كل أهل إقليم، عندهم من الثمار من نعمة الله عليهم ما يَعْجِزُون عن القيام بشكره.
وقوله: ( لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ ) أي: من جميع الثمار، كما قال: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [النحل: 11] . وقوله: ( وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ) كأنه معطوف على شيء مقدر، تقديره: تنظرون إلى حسنه ونضجه، ومنه تأكلون. وقوله: ( وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ ) يعني: الزيتونة. والطور: هو الجبل. وقال بعضهم: إنما يسمى طورا إذا كان فيه شجر، فإن عَرى عنها سمي جَبَلا لا طورًا، والله أعلم. وطور سيناء: هو طور سينين، وهو الجبل الذي كَلَّم [الله] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عليه موسى بن عمران، عليه السلام، وما حوله من الجبال التي فيها شجر الزيتون. وقوله: ( تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ ) : قال بعضهم: الباء زائدة، وتقديره: تنبت الدهن، كما في قول العرب: ألقى فلان بيده، أي: يده. وأما على قول من يُضَمِّن الفعل فتقديره: تخرج بالدهن، أو [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] تأتي بالدهن؛ ولهذا قال: ( وَصِبْغٍ ) أي: أدْم، قاله قتادة. ( لِلآكِلِينَ ) أي: فيها ما ينتفع به من الدهن والاصطباغ، كما قال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، عن عبد الله بن عيسى، عن عطاء الشامي، عن أبي أسَيْد -واسمه مالك بن ربيعة الساعدي الأنصاري-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلوا الزيت وادهنوا به [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ؛ فإنه من شجرة مباركة" [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] . وقال عبد بن حُمَيد في مسنده وتفسيره: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ائتدموا بالزيت وادهنوا به، فإنه يخرج من شجرة مباركة". ورواه الترمذي وابن ماجه من غير وجه، عن عبد الرزاق [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] . قال الترمذي: ولا يعرف إلا من < 5-472 > حديثه، وكان يضطرب فيه، فربما ذكر فيه عمر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وربما لم يذكره. قال [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أبو القاسم الطبراني: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبي، حدثنا سفيان بن عيينة، حدثني الصَّعْب بن حكيم بن شريك بن نملة، عن أبيه عن جده، قال: ضِفْت عمرَ بن الخطاب ليلة عاشوراء [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ، فأطعمني [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] من رأس بعير بارد، وأطعمنا زيتًا، وقال: هذا الزيت المبارك الذي قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] . وقوله: ( وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ) : يذكر تعالى ما جعل لخلقه في الأنعام من المنافع، وذلك أنهم يشربون من ألبانها الخارجة من بين فرْث ودم، ويأكلون من حملانها، ويلبسون من أصوافها وأوبارها وأشعارها، ويركبون ظهورها ويحملونها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الأحمال الثقال إلى البلاد النائية عنهم، كما قال تعالى: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [النحل: 7] ، وقال تعالى: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] * [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] * [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [يس: 71-73] . [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
(25) [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] . يخبر تعالى عن نوح، عليه السلام، حين بعثه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إلى قومه، لينذرهم عذاب الله وبأسه الشديد، وانتقامه ممن أشرك به وخالف أمره وكذب رسله، ( فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ ) أي: ألا تخافون من الله في إشراككم به؟! فقال الملأ -وهم السادة والأكابر منهم-: ( مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ ) يعنون: يترفع عليكم ويتعاظم بدعوى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] النبوة، وهو بشر مثلكم. فكيف أوحي إليه دونكم؟ ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأنـزلَ مَلائِكَةً ) أي: لو أراد أن يبعث نبيًّا، لبعث مَلَكًا من عنده ولم يكن بشرًا! ( مَا سَمِعْنَا بِهَذَا ) أي: ببعثة البشر في آبائنا الأولين. يعنون [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بهذا أسلافهم وأجدادهم والأمم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الماضية. < 5-473 > وقوله: ( إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ ) أي: مجنون فيما يزعمه، من أن الله أرسله إليكم، واختصه من بينكم بالوحي ( فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ ) أي: انتظروا به ريب المنون، واصبروا عليه مدة حتى تستريحوا منه. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
(27) [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يقول تعالى مخبرًا عن نوح، عليه السلام، أنه دعا ربه يستنصره على قومه، كما قال تعالى مخبرا [عنه] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] في الآية الأخرى: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [القمر: 10] ، وقال هاهنا: ( [قَالَ] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ) فعند ذلك أمره الله تعالى بصنعة السفينة وإحكامها وإتقانها، وأن يحمل فيها من كل زوجين اثنين، أي: ذكرًا وأنثى من كل صنف من الحيوانات والنباتات والثمار، وغير ذلك، وأن يحمل فيها أهله ( إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ) أي: سبق فيه القول من الله بالهلاك، وهم الذين لم يؤمنوا به من أهله، كابنه وزوجته، والله أعلم. وقوله: ( وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ) أي: عند معاينة إنـزال المطر العظيم، لا تأخذنك رأفة بقومك، وشفقة عليهم، وطَمَع في تأخيرهم لعلهم يؤمنون، فإني قد قضيت أنهم مغرقون على ما هم عليه من الكفر والطغيان. وقد تقدمت القصة مبسوطة في سورة "هود" [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بما يغني عن إعادة ذلك هاهنا.
مروان النفاخ المدير العام
تاريخ التسجيل : 20/01/2011 عدد المساهمات : 709 العمر : 29 الـجنـس : الــدولـــة : الـمـــزاج : الــمـهنـة :
موضوع: رد: الجزء الثاني من تفسير سورة المؤمنون الأحد مايو 29, 2011 5:21 pm